بعد إنتخابات عام 2009 النيابية التي أثبت فيها رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون وللمرة الثانية بعد تسونامي العام 2005، زعامته المسيحية في عرين الموارنة كسروان–الفتوح، راح النواب والوزراء السابقون عن دائرة "الجنرال" الإنتخابية، وعلى رأسهم منصور غانم البون وفريد هيكل الخازن، يبحثون عمّن يعيد لهم ترطيب الأجواء مع دوائر الرابية، علّهم يكسبون ودّ رجلها الأول، وعلّ هذا الودّ يمكّنهم من إعادة تعليق اللوحات الزرقاء على سياراتهم. يومها عقد هؤلاء رهاناتهم على المعادلة التالية: بقدر ما نحن نحتاج الى الترشح على لائحة العماد عون لضمان فوزنا، بقدر ما هو بحاجة الينا بعد إكتشافه أن الثلاثي النيابي الكسرواني في تكتله، جيلبيرت زوين ويوسف خليل ونعمة الله أبي نصر، أضعف بكثير من نواب التيار في التكتل، أكان على صعيد العمل البرلماني والتشريعي، أو في الميدانين الخدماتي والإعلامي.
في تلك المرحلة، راهن الخازن على صداقته برئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية لفتح أبواب الرابية أمامه، لكن رياح سوء علاقة عون-المردة التي بدأت ملامحها بالظهور بعد التمديد لعقد سوكلين على طاولة مجلس الوزراء، جرت بما لا تشتهيه سفن "الشيخ فريد"، فتبددت آماله سريعاً ولم ينجح بخرق الفيتو الذي يضعه عليه العماد عون.
مع البون، الوضع كان مختلفاً تماماً. وعلى رغم تكرار "الجنرال" أمام سائليه عن إمكان ضم "الشيخ منصور" الى لائحته الكسروانية، مقولة "من رشّ الخواريف بالأورانج لذبحهم بعد الفوز على العونيين في إنتخابات 2009، لا يمكن أن أضع يدي بيده"، إستطاع الرجل من خلال صداقته مع النائب آلان عون، أن يحقق بعض الخروقات في جدران علاقته مع الرابية. ففي حفل زفاف إبن شقيقة الجنرال، ترك البون كرسيه وتوجه نحو طاولة العماد عون، على أمل أن تحمل له كلمة "مبروك" التي سيقولها، بعض النظرات الإيجابية التي يمكن له أن يفسرها فيما بعد، على طريقته.
خرق البون لقطيعة "الجنرال" في زفاف آلان، لم يكن الوحيد من نوعه، إذ تمكن الرجل فيما بعد من زيارة الرابية مراراً، ولكن كي لا تفسر الزيارة قبولاً بترشيحه، طلب الجنرال من روجيه عازار مرشحه الناشط في منطقة الفتوح والتي يترشح عنها البون، أن يكون حاضراً للقاء.
لم يتكل البون على صداقته بالنائب آلان عون فقط، بل فتح في الآونة الأخيرة قناة مع العميد المتقاعد شامل روكز، وتفيد المعلومات هنا، عن عشاء جمعه برئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجيّة جبران باسيل قبل شهر تقريباً من الإنتخابات البلدية.
كل ذلك كان قبل إنتخابات جونية البلدية، وقبل مفاوضاتها الماراتونية التي إنتهت على مشهد تنافسي من العيار الثقيل. حتى خلال تلك المفاوضات، حاول البون برسالة مقتضبة جداً حمّلها الى جوان حبيش رئيس اللائحة التي يدعمها عون تحمل في طياتها مقعداً نيابياً. رسالة مفادها "فليعدني الجنرال بأن موقعي محفوظ على لائحته في أول إنتخابات نيابية تحصل، وأنا مستعد في هذه اللحظة الى ترك فريد هيكل الخازن وسحب ترشيح فؤاد البواري الى رئاسة بلدية جونية، ووقف أي مفاوضات مع نعمة افرام، إضافة الى دعم لائحة حبيش ومن دون أي تردد".
رسالة البون نقلها حبيش الى الرابية، ولكن يبدو أن الجنرال لا يزال متمسكاً بمقولة "من رشّ الخواريف بالأورانج لذبحهم بعد الفوز على العونيين في إنتخابات 2009، لا يمكن أن أضع يدي بيده"، فكانت معركة البون في جونية ضده.